يعتقد محمد إبراهيم أنه "شخص محظوظ"، وهو صومالي يعيش في ولاية نبراسكا، أما عزاز شامي السودانية فنجحتُ في الاتصال بها وهي في زيارة إلى كاليفورنيا. وقالت "أميركا كانت لي الخيار الأفضل".
آدي زكا هو من البوسنة، وسينتقل إلى واشنطن خلال أسبوع، وقال "دائماً تخيلت أن الولايات المتحدة هي أفضل بلد تعيش فيه".
العامل المشترك بين جميع هؤلاء هو أنهم أتوا إلى الولايات المتحدة بسبب الحظ، والحظ فقط. إنهم جميعاً هنا بسبب "لوتيري"، أو قرعة، تديرها وزارة الخارجية الأميركية.
الآن "برنامج القرعة لتأشيرات التنوع"، أو ما يعرف بيانصيب الكرت الأخضر، والذي قدم له أكثر من 14 مليون شخص العام الماضي، والذي يعمل به منذ التسعينيات، مهدد بالإلغاء إن تم تمرير مسودة قانون الهجرة التي اقترحتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.
يقول نصار أحمد، وهو محامي هجرة في واشنطن، إن "البرنامج أسس ليشجع مواطني دول معينة على الهجرة إلى الولايات المتحدة في غياب أي طريق آخر لهم للهجرة، فهو سبيل لمن ليست له عائلة أو ظيفة هنا".
ويسمح البرنامج لخمسين ألف شخص وعائلاتهم بالهجرة إلى الولايات المتحدة بشكل سنوي، يتم اختيارهم بشكل عشوائي. التقديم مجاني (رغم وجود شركات محتالة تستغل شغف الناس ويأسهم وأموالهم).
والشروط بسيطة، فهم يجب أن يكونوا من خريجي الثانوية وعملوا لمدة عامين. ويسمح لسكان غالبية دول العالم بالتقديم، إلا أن الدول ذات نسبة هجرة عالية للولايات المتحدة، مثل الصين وكندا والبرازيل والهند وأربع عشرة دولة أخرى، فيمنع سكانُها من التقديم. النسب الأعلى من البطاقات تقدم لبلاد تقل الهجرة منها إلى الولايات المتحدة. والهدف - المعلن على الأقل - هو تنويع السكان والاختلاط الثقافي.
محمد إبراهيم كان طالباً في جامعة الأزهر في القاهرة عام 2010 عندما أقنعه أصدقاؤه بالتقديم. العام الذي يليه وصله خبر قبوله، وقال "لم أكن أعلم شيئاً عن الولايات المتحدة في ذلك الوقت، لم أكن أعرف حتى أين أريد أن أسكن، لم أعرف أحداً يعيش في الولايات المتحدة في الأصل!". بعد عام من العيش في ولاية جورجيا وبدون أن يستطيع أن يجد وظيفة، انتقل إبراهيم إلى ولاية بنراسكا التي يعمل فيها كعامل اجتماعي ومترجم.
والبرنامج أسسه الكونغرس عام 1990 وهدفُه في حينها كان تشجيع الأيرلنديين على الهجرة وتوفير غطاء قانوني لأيرلنديين هاجروا بشكل غير شرعي. فقانون مرر في الستينيات أعطى أفضلية لمهاجرين لهم عائلات في الولايات المتحدة أو لديهم وظائف مضمونة، الأمر الذي فضل اللاتينيين الأميركيين بشكل أكبر في ذلك الوقت.
لكن الركود الاقتصادي في أيرلندا في أواخر الثمانينات دفع الكثير من الأيرلنديين إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة بشكل غير شرعي، فهم أتوا إلى هنا كسياح ولم يغادروا بعد انتهاء صلاحية تأشيراتهم. الكونغرس أراد إصلاح ذلك بطريقة لا تفضح هذا الغرض.
وفعلاً كان الأيرلنديون والبولنديون المستفيدين الأساسيين من البرنامج في التسعينات، لكن المفارقة هي أن غالبية المستفيدين الآن هم ليسوا من أوروبا الغربية، بل من إفريقيا وآسيا.
من الدول العربية تقدم للبرنامج عام 2015 سبع مئة ألف مصري، 32 ألف لبناني، و45 ألف سعودي. المهاجرون هؤلاء يشكلون فقط عشرة في المئة من المهاجرين الشرعيين إلى الولايات المتحدة سنوياً، لكن مسودة قانون الهجرة الذي يتم نقاشه في الكونغرس حالياً تلغي البرنامج.
ويقول محامي الهجرة أنصار أحمد إن "البرنامج حالياً عادل جداً، لأنه لا يميز بناء على الاثنية أو الخلفية أو السن، أما القانون المعروض حالياً فيفضل ذوي الدخل العالي والذين لديهم وظائف مضمونة هنا".
رغم هذا فلا يعتقد أحمد أن البرنامج سيلغى، فهناك مجموعة من المسودات التي قدمت لإصلاح نظام الهجرة خلال العقد الماضي، ولم يتم تمرير أي منها. برنامج القرعة هذا ليس السبب، بل العامل الأساسي يتعلق باختلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين حول حل لأزمة المهاجرين غير الشرعيين.
أما بالنسبة لعزاز شامي، فالفوز باللوتري سمح لها بالانتقال إلى العمل في مجال حقوق الإنسان في واشنطن. وآدي زكا، البوسني، ترك وظيفته في مجال السياحة في البلقان ليكتشف الإمكانات المتاحة للعمل في مجال الاقتصاد، وهو تخصصه، في الولايات المتحدة.