كنت في الامارات العربية المتحدة عند اعلان الحكومة الامريكية للحظر الجديد على الأجهزة الالكترونية المحمولة على شركات طيران معينة من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة.
عندما انتشرت أخبار الحظر حاولت أنا واصدقائي الحصول على التفاصيل. سؤال من أحد أصدقائي كشف عن شكوك جديدة عن قرارات واشنطن في هذه الأيام. هل هذا شيء تابع لترامب؟
تراجعت شكوكي حول سبب هذه التدابير عندما سمعت أن السلطات البريطانية فرضت نفس الحظر. لكني ارتحت بشكل أكبر عندما علمت بأن سبب هذه التدابير هي الخوف المشروع من أعمال إرهابية على إحدى الطائرات التي كنت أنا مسافرة فيها.
علقت إحدى الصديقات " لديك جنسية أمريكية ولهذا ليس مفروضٌ عليكي تفتيش كمبيوترك المحمول". هذا ليس بصحيح حيث أن جنسية المسافر لا تلعب دوراً لكن جنسية شركة الطيران هي الأهم. الحظر الالكتروني كما تمت تسميته على وسائل التواصل الاجتماعي لا يطبق على الطيران الأمريكي وإنما يطبق على الخطوط التي أسافر عليها وهي الإماراتية.
الخطوط الملكية الأردنية وهي إحدى الشركات المتضررة من الحظر أطلقت حملة فكاهية لإعلان القوانين الجديدة حيث اقترحت 12 شيء يمكنك فعله في ال 12 ساعة طيران من دون كمبيوتر محمول أو جهاز لوحي، ومن ضمنها التحدث إلى الشخص الذي يجلس قربك وتقدير معجزة الطيران. وغردوا ابقوا متابعين للمزيد من المتعة وكل أسبوع هناك حظر جديد رابطين بطريقة فكاهية الحظر الالكتروني بحظر السفر المثير للجدل الذي فرض على بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة حيث أطلق عليه العديد من الناس " حظر المسلمين".
وأخيرا انطلقت رحلتي من دبي ورغم الطقس السيء والتأخير الذي حدث بسبب الظروف الجوية السيئة في منطقة الخليج العربي، لم أكن قلقة حول وجود قنبلة على متن الطائرة بقدر ما كنت قلقةً على كمبيوتري المحمول.
حيث تساءلت كيف سيستطيع جهازي الكمبيوتر الصمود مع كل مكوناته الصغيرة إذا ما تم رمي حقيبتي من قبل محملو الحقائب وتم تكديس العديد من الامتعة فوقه وتعرضه للهواء البارد في غرفة تخزين البضاعة.
خفت ان يسرق كمبيوتري ويتم اختراق معلوماتي او حتى وضع فيروس فيه. الاختراق هو مصدر قلق للصحفيين الذين يسافرون حول العالم.
لقد حاولت قدر المستطاع تقليل هذه الأخطار حيث قمت بتغليف الكمبيوتر والجهاز اللوحي بعدة طبقات من النايلون الذي يحتوي على فقاعات هوائية. حتى انني واجهت صعوبة في أغلاق حقيبتي. وفي المطار استخدمت خدمة لف الحقائب حيث كنت لاحظتها من قبل حيث يقومون بلف الحقائب في لفات من البلاستيك الشفاف.
قابلت على طاولة الفحص مسافرين في رحلة عمل قصيرة أخبروني بأنهم اضطروا أن يشتروا حقائب لكي يكون لديهم شيء لفحصه.
إحدى المسافرات على متن رحلتي تدعى شانتال موسى (Chantal Musa) وهي مواطنة أمريكية تعيش في شيكاغو والأردن معاً، اخبرتني بانها مقتنعة تماما بأن هذه القوانين ليست من أجل الأمن وإنما هي تتعلق بالأعمال وهي عبارة عن مجهود من الرئيس ترامب لمعاقبة الخطوط الجوية في الشرق الأوسط لكي يساعد شركات الطيران الامريكية. وأشارت إلى الاجتماع الأخير بين ترامب والرؤساء التنفيذيين لشركات الطيران الأمريكية.
طيران الامارات قامت بتفعيل خدمة على البوابة لحزم الكمبيوترات وأي أجهزة الكترونية أخرى للمسافرين. كنت أنا على متن أول رحلة في أول يوم من أيام الحظر الالكتروني. سار كل شيء على ما يرام، بعض المسافرين شعروا بالذهول حين أعتقدوا بأن بعض الاجهزة مثل السماعات الكبيرة ستكون مسموحة على متن الطائرة.
لقد وجدت غياب جهاز الكمبيوتر خاصتي فرصة جدية للاسترخاء على الرغم من أن 15 ساعة طيران ستكون وحدها مشكلة كبيرة. الخطوط الملكية الأردنية لديها الحق من ناحية التفكير في معجزة الرحلة، أنا على سبيل المثال ما أزال أخشى من تجربة الطيران على الرغم من أني سافرت أكثر من ميلون ميل في السنوات العديدة الماضية.
أستطيع التأكيد بأن غرينلاند (Greenland) لا تزال أعجوبة من الجليد الأبيض ومشاهد الأفق من الأعلى ما يزال يحبس الأنفاس كما كان في أي وقت مضى.بعد وصولي شيكاغو والانتفال إلى الطائرة المتجهة إلى وجهتي النهائية التي بالكاد لحقت بها وبعد يوم طويل من السفر حيث قطعت 8000 ميل وقفت عند نقطة استلام الامتعة وشاهدت الحقائب على حزام الامتعة وانتظرت امتعتي التي لم تأت , قمت مرهقة بملئ تقرير عن امتعتي المفقودة التي على ما يبدو لم تغادر شيكاغو بعد.
تم أخيرا تسليم حقيبتي إلى منزلي في اليوم التالي. الغلاف البلاستيكي كان ممزقا والقفل البلاستيكي كان مكسورا. يوجد شريط أكبر كبير عليه شعار إدارة أمن النقل ومكتوب عليه بحروف كبيرة " تم فحصه".
شخص ما قام بتفتيش محتويات حقيبتي وقام بوضع بطاقة في داخلها لإعلامي بأن سبب تمزيق الغلاف البلاستيكي هو عملية تفتيش الحقيبة.
أنا الآن أقوم بكتابة هذه المقالة على كمبيوتري الذي سافر كل هذه المسافة، لم يسرق، لم يحطم، هذا كل ما أعرفه